فقد نقل البخاري في صحيحه, قال: >حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة÷ ابنة رسول الله’ سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله’ أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله’ مما أفاء الله عليه فقال لها أبو بكر: إنّ رسول الله’ قال: لا نورث ما تركنا صدقة، فغضبت فاطمة بنت رسول الله’، فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت<([1]).
وقال أيضاً: >حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنّ فاطمة÷ بنت النبي’ أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله’ مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إنّ رسول الله’ قال: لا نورث ما تركنا فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت< ([2]).
أما سند هذه الروايات فصحيح ولا نحتاج إلى ترجمته وهذا واضح.
وأما دلالتها فهي واضحة على غضبها÷، وعدم رضاها عن أبي بكر.
قال النووي في شرح صحيح مسلم, عند تعليقه لحديث (فإنما ابنتي بضعة منى يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها)
>... إن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم فيهلك من آذاه, فنهي عن ذلك؛ لكمال شفقته على علي وعلى فاطمة(3)
([1]) صحيح البخاري، ج4 ص42، باب دعاء النبي. ومسند أحمد: ج1 ص6. ومسند أبي بكر. والسنن الكبرى، ج6 ص300، باب بيان مصرف أربعة أصناف الفيء.
([2]) صحيح البخاري، ج5 ص82. باب غزوة خيبر.
([3]) النووي: شرح صحيح مسلم، ج 13 ص 3 , الناشر: دار الكتاب العربي _ بيروت, 1407 هـ.
ادعى النووي وقبله ابن تيمية: إن سبب هذا الحديث هو خطبة علي لبنت أبي جهل , وهذا الإدعاء باطل؛ لأن أصل هذا الحديث موضوع وراوية الزهري عن المسور, والأول كان أميراً في بلاط بني امية والثاني كان من جنود عبد الله بن الزبير وكان الخوارج ينتهلون منه. كما ورد ذلك عن الذهبي في سير أعلام النبلاء: ج5 ص 337- 339. الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت.